كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



أما حدوث الزبدية في المني عند حصوله في الرحم فذلك لأجل تسخنه بحرارة باطن البدن وأما أن ذلك من فعل القوة المصورة.
إنما هو إفادة الصورة وإحداث الزبدية ينافي ذلك وعندهم إن هذه القوة يستفيدها المني من الأنثيين وأنها من قوى نفس الأب على رأيي ومن قوى نفس الأبوين على رأي جالينوس.

وأن الأنثيين عضو رئيس لأجل إعطائه هذه القوة.
والقوة المولدة ونحن قد بينا فيما سلف بطلان هذا الكلام وأن المني ليس فيه شيء من القوى وإنما هو مادة يتكون منها البدن وما يحدث فيه من القوى الغاذية والمصورة ونحو ذلك فإنما هو من قوى النفس الحادثة وهي المتعلقة بذلك المني ليتكون منه الشخص الحادث وليس في المني عندنا روح نفساني وطبيعي وحيواني بل هو رطوبات اجتمعت وحدث لها الحرارة المنضجة غليان أو جب لها زبدية وبتلك الزبدية يبيض لو نه ويغلظ قوامه غلظًا غير حقيقي وإذا برد وزالت منه الزبدية رق قوامه وليس للقوى الطبيعية عندنا روح ولا هي أيضًا مستفادة من الكبد ولا الكبد عندنا عضو رئيس وكل ذلك قد بيناه فيما سلف وليس يوجد عندنا في المني نفخ يمتلأ من روح إلا النفخ الذي يصير فيه الروح الحيواني الذي يحدث من المني في الرحم ويصير ذلك النفخ تجويفًا للقلب كما قلناه.
قوله: وإنما يغتذي هذا الجنين بهذا الغشاء ما دام الغشاء رقيقًا وكانت الحاجة إلى قليل من الغذاء.
وأما إذا صلب فيكون من الاغتذاء إنما يتولد في مسامه من منافذ الغشاء الذي يتولد في الجنين أو لا وهو الغشاء المشيمي واغتذاء الجنين هو من ذلك الغشاء ما دام جنينا لأن هذا الغشاء يحتوي على عروق كثيرة بعضها يتصل بالأوردة النافذة إلى الرحم فتكون في هذه العروق الدم ومن ذلك يغتذي الجنين بأن ينفذ في عروق تتكون من تلك العروق نافذًا إلى كبد الجنين من سرته وبعض تلك العروق يتصل بالشرايين النافذة إلى الرحم وفي تلك العروق أرواح ونسيم نافذان إليها من تلك الشرايين وهذه العروق يتحد منها عرق واحد ينفذ بالروح والنسيم إلى قلب الجنين من سرته.
وأما أن الجنين يغتذي من مسامه فذلك مما لا يصح البتة.
قوله: إنه يحكى عن أبقراط أنه قال: أول عضو يتكون هو الدماغ والعينان هذا الكلام إن صح عن أبقراط فالمراد به أن الدماغ أول عضو من الأعضاء الرئيسية يتم تكونه.
أقول: إن الصواب أن يكون أول عضو ينخلق هو الكبد لا شك أن أول قوة تحدث في المني بعد القوة الحيوانية هي قوة الغذاء وهذا لا يلزمه أن يكون الكبد يتكون أو لًا.
ولأنها يتكون أو لًا قبلها سوى القلب من الأعضاء وذلك لأن القوى الطبيعة جميعها عندنا تجذب الأعضاء بذواتها لا بإعطاء الكبد لها. وقد حققنا هذا من قبل.
والدم الذي يغتذي به الجنين ليس يلزم أن يكون متولدًا في بدنه فضلًا عن أن يكون من الكبد بل ذلك الدم يأتي إليه من بدن الأم فلذلك وجوب تقدم الكبد في التكون ليس بلازم ولا أيضًا وجوب تقدمها على ما سوى القلب فإن السرة تكون قبلها وكذلك الدماغ لأن حاجة الجنين إلى الكبد لا لأجل إصلاح الدم الآتي إليه من الدم وإن كانت متقدمة على الحاجة إلى الدماغ لكن يكون الدماغ أسرع لأجل زيادة رطوبة مادته.
وها هنا بحث لا بد من تحقيق الكلام فيه وهو أن لقائل أن يقول: إن المني إذا اجتمع في الرحم يشاهد في داخله نقطة حمراء تشتد ظهورا كلما تحرك ذلك الموضع وذلك الشيء الأحمر لا بد من أن يكون دمًا ويلزم من هذا أحد أمرين: إما أن يكون الدم في القلب وأنتم لا تقولون بذلك وإما أن يكون في الكبد أو لًا لأن يكون الدم إذا لم يكن في القلب فلا بد أن يكون في الكبد وتكونه في الكبد متأخرًا لا محالة عن تكون الكبد وعن مشاهدة هذه النقطة الحمراء في وسط المني لا يكون القلب قد تكون فيلزم ذلك أن يكون تكون الكبد قبل تكون القلب بكثير ويلزم ذلك أن يكون تكونها قبل تكون الأعضاء الأخر جميعها والجواب عن هذا: إن تلك النقطة مسلم أنها من الدم ولكن ذلك الدم لا يلزم أن يكون متكونًا لا في القلب ولا في عضو آخر أعني من أعضاء الجنين وذلك لأن أصل المني كما علمت هو المتصعد بالحرارة إلى الدماغ.
وهذا المتصعد لا يلزم أن يكون جميعه من الرطوبات المائية لأن الحرارة تصعد كل رطوبة تجذبها ولذلك لا بد من أن يكون المني مخالطًا لكثير من المائية وهي التي يتصعد بتلك الحرارة ولا بد أيضًا من أن يكون مخالطًا لشيء من الدم وهو الذي يتصعد بسبب تلك الحرارة المصعدة للرطوبة الثانية أيضًا.
لكن هذا الدم يسير جدًّا لأن الدم محصور في العروق وهي كيفية الأجرام فلا يتمكن ما فيها من الدم من التصعد بالحرارة فلذلك إنما يتصعد منه شيء يسير جدًّا وذلك اليسير ما دام منبثًا في جرم المني يكون مختلطًا به فلا يتميز للحس فإذا استقر المني في الرحم فمن شأنه أن يجتمع كل جزء فيه مع جنسه فلذلك تجتمع الأجزاء المتبخرة من غذاء العظم بعضها إلى بعض وكذلك الأجزاء المتبخرة من غذاء العصب ونحو ذلك وكذلك الأجزاء الدموية تجتمع لا محالة بعضها إلى بعض فيصير من الجملة قدر محسوس وهذا لابد من أن يكون في مكان ما من المني وليس موضع منه أولى من آخر فيجب أن يكون في وسطه لأن ذلك الموضع متميز عن غيره ونسبة إلى الأطراف جميعها على السواء فلذلك يجب أن يكون هذا الدم في وسط المني وليس موضع أولى به أيضًا من آخر فلذلك يجب أيضًا أن يكون في وسط المني فلذلك الدم والروح يجب أن يكونا في وسط المني وذلك بأنه يحدث نفخة يكونان فيها وتلك النفخة إذا تم تكونها كانت في تجويف القلب كما بيناه فلذلك الدم المجتمع في المني لا بد من أن يكون أو لًا في تجويف القلب ولا يلزم ذلك أن يكون الدم يتكون في القلب ولا أن يكون تكون الكبد متقدمًا على تكون القلب وأما أن تلك النقطة الحمراء يشتد ظهورها كلما تحرك الموضع الذي هي في داخله فذلك لأن حركة ذلك الموضع هي حركته في الانبساط فإنا قد بينا النفاخة التي تكون فيها الروح وهي التي تصير تجويفًا للقلب لا بد من أن تكون متحركة حركة انبساط وانقباض وإذا انبسطت بتخلخل جرمها فكانت الرؤية تلك النقطة أسهل وأوضح.
قوله: والحال الأخرى ظهور النقطة الدموية في الصفاق وامتدادها في الصفاق هذه النقطة الدموية ليست تظهر في الصفاق بل في داخل المني وذلك في النفخة التي تصير تجويفًا للقلب كما قلناه والظاهر أن الغلط في هذا أو قع من الغلط في فهم كلام الفاضل أبقراط وذلك لأنه قال: كما أنه إذا قشر الإنسان قشر البيض الأعلى يرى شبه الحجاب الرقيق على رطوبة البيض.
كذلك كان على ذلك المني حجاب رقيق وكان داخله مدورًا أحمر يتحرك فإذا تحرك ظهرت الحمرة التي فيه.
وهذا الكلام ذكر في كتاب الأجنة في صفة مني سقط من امرأة بعد ستة أيام ومن الصفات التي ذكرت لذلك المني أنه كان عليه غشاء رقيق وكان يظهر في داخله أي في داخل المني شيء أحمر مدور يتحرك أي يتحرك انبساطًا وانقباضًا وإذا تحرك ظهرت الحمرة التي فيه وظهور هذه الحمرة بأكثر مما كان ليس في مطلق الحركة بل في حركة الانبساط وذلك لأن الموضع إذا انبسط تخلخل فكانت رؤية ما فيه من الحمرة أشد هذا هو معنى هذا الكلام لا أن تلك الحمرة كانت في الحجاب أي في الغشاء المجلل للمني والظاهر أن الذي أو جب فهم ما في الكتاب من كلام الفاضل أبقراط أنه ظن أن الضمير في قوله: وكان داخله مدورًا أحمر يعود إلى الحجاب الرقيق وهذا لا يصح فإن الذي في داخل الحجاب هو جملة المني ولون المني ليس بأحمر.
قوله: فهي في الإناث أبطأ تكون الأنثى أبطأ من تكون الذكر ولذلك تكون أجزائها أبطأ من تكون أجزاء الذكر وأما النمو فهو في الإناث أسرع فلذلك تأخر كمال الرجال وبلوغهم عن كمال النساء وبلوغهن وذلك لأن العمدة في سرعة التكون هو قوة العاقد وهو الحرارة وهي في الذكور أقوى فلذلك تكونهم أسرع وإنما كان كذلك لأن نقصان رطوبة المني المذكر يعين على سرعة الانعقاد فإن عقد الحرارة هو بتجفيف الرطوبة ليستحيل أرضية وذلك يعين على نقصان الرطوبة.
وأما النمو فإن سرعته إنما هي لزيادة قبول المادة للتمدد والانبساط وذلك إنما يكون بالرطوبة وهي في النساء الجواري أكثر مما في الصبيان لا محالة وليست حرارة الجواري تقصر عن إحالة الغذاء بقدر يكفي النمو الكثير فلذلك أسرع نموًا من الصبيان.
قوله: وهو الخامس عشر من العلوق ينفذ الدموية التي في الجميع فيصير علقة.
حصول هذه الدموية ليس لأن المني يستحيل دمًا فإن ذلك مما لا يمكن بل لأن الدم الذي ينفذ فيه من الرحم ليس يقوي المني في أول الأمر على إحالته إلى طبيعته إحالة تامة فتبقى حمرته باقية ويصبغ المني فيصير كالدم.
قوله: والأطراف عند الضلوع. وهيئة الجنين أنه جالس على عقبه وعيناه على ظهر كفيه وهما على ركبيه وأنفه بين ركبتيه فلذلك تكون يداه ورجلاه لاصقة بأضلاعه وبطنه.
وفي المدة المذكورة ينفصل عنهما.
قوله: والجنين تحيط به أغشية ثلاثة: المشيمة. وهذه المشيمة هي أول غشاء يحدث على المني.
وسبب حدوثها ما ذكرناه من تحرك المني تارة إلى ملاقاة جرم الرحم وذلك إذا إلى وانفتح.